يحلل الكاتب نيفيل تيلر أسباب التعثر المستمر في تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة، رغم الإعلان عنها بوصفها خارطة طريق من ثلاث مراحل تهدف إلى إنهاء الحرب وترتيب اليوم التالي في القطاع، مشيرًا إلى أن الخلل البنيوي في الخطة جعلها تفقد زخمها منذ أيامها الأولى.
يستند التحليل المنشور على مويع يوراسيا ريفيو إلى تقارير وتحليلات إعلامية غربية وأميركية لرصد مسار الخطة، خاصة ما نُشر في صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية و”واشنطن بوست”، لرسم صورة أوسع عن أسباب البطء والتردد الدولي.
خطة بلا جدول زمني.. بطء مقصود أم خلل بنيوي؟
يشير تيلر إلى أن الخطة، التي أُطلقت في 30 سبتمبر عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف إطلاق النار، بدت منذ البداية “مفخخة”، لأن كل بند فيها مرتبط ببنود أخرى، من دون تحديد جدول زمني ملزم لإنجاز كل مرحلة. هذا الترابط، إلى جانب غياب مهل واضحة أو عقوبات في حال الإخلال، أدى إلى إبطاء التنفيذ إلى حد الشلل.
تنص المرحلة الأولى على وقف الأعمال القتالية، ثم الإفراج عن جميع الأسرى الأحياء وتسليم جثامين القتلى خلال 72 ساعة، مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين، وتدفق المساعدات الإنسانية تحت إشراف دولي، وانسحاب معظم قوات الجيش الإسرائيلي إلى ما يعرف بـ”الخط الأصفر”. غير أن غياب آلية إلزامية لإنهاء هذه المرحلة خلال فترة محددة سمح لكل طرف باستخدام الغموض كورقة ضغط قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية.
الخط الأصفر وصراع السرديات الميدانية
يشرح المقال مفهوم “الخط الأصفر” بوصفه حدًا غير مادي مرسومًا على الخرائط، يقسم غزة إلى منطقتين شبه متساويتين، تسيطر حماس على غربها، بينما ينتشر الجيش الإسرائيلي شرقها. في بعض المناطق، وضعت القوات الإسرائيلية كتلًا إسمنتية صفراء، لكنها لا تتطابق بدقة مع الخط المتفق عليه، ما خلق حالة من الارتباك على الأرض.
في هذا السياق، يلفت تيلر إلى أن حماس حافظت على نفوذها التفاوضي عبر توزيع تسليم جثامين الأسرى على مدى أسابيع، بينما تواصل إسرائيل الإعلان عن اشتباكات يومية وعمليات اغتيال لقادة ميدانيين. هذا التناقض في السرديات، إلى جانب استمرار سقوط ضحايا مدنيين في غزة، جعل المرحلة الأولى غير مكتملة فعليًا، وأبقى الهدنة هشة وقابلة للانهيار.
المرحلة الثانية.. قوة دولية بلا متطوعين
ينتقل المقال إلى المرحلة الثانية، التي تنص على تشكيل مجلس من تكنوقراط فلسطينيين لإدارة شؤون غزة تحت إشراف دولي، وإنشاء قوة استقرار دولية تضم عناصر أميركية وعربية وأوروبية لمراقبة الأمن ونزع السلاح. هنا، يبرز تيلر عقبة كبرى تتمثل في تردد الدول في إرسال قوات، بسبب غموض التفويض واحتمال المواجهة مع حماس.
تنقل التحليلات عن “واشنطن بوست” أن دولًا مثل أذربيجان وإندونيسيا أعادت النظر في مشاركتها، بينما لم تعلن أي دولة عربية التزامًا رسميًا بإرسال قوات، رغم توصيف القوة دبلوماسيًا بأنها “بقيادة عربية”. ويعزو المقال هذا التردد إلى الحساسية السياسية وسؤال نزع سلاح حماس، الذي لا ترغب أي دولة في تحمّل كلفته.
يخلص تيلر إلى أن فشل نشر قوة دولية فعالة قد يحوّل وقف إطلاق النار إلى صراع مجمّد، يعيد غزة إلى حالة “عدم الاستقرار المُدار” التي سبقت السابع من أكتوبر. وفي ظل استمرار الأزمة الإنسانية وغياب حل جذري لقضايا الحكم والأمن، يرجّح الكاتب أن الهدنة قد تؤجل الصراع بدل أن تنهيه، تاركة مستقبل غزة معلقًا على قرارات دولية لم تُحسم بعد.
https://www.eurasiareview.com/26122025-gaza-why-the-delay-oped/

